أردني - نادر سليمان - مرّت بنا قبل أيّام الذكرى العشرين لرحيل الملك الحسين بن طلال، الراحل العظيم، الذي ترك إرثاً طيّباً يشهد به القاصي والداني، وأورث لقائدنا الملك عبد الله الثاني صفات الحنكة والحكمة، فواصل الأردنّ مسيرة الخير والعطاء الممتدّة لمائة عام.
لقد أضحت الدولة الأردنية، بفضل جهود الحسين رحمه الله، وعطاء عبد الله الثاني حفظه الله، قصة نجاح باهرة، وسط إقليم يعجّ بالظلام؛ فالأردنّ قصة بناء وإصلاح متوازن، ومراحل متكاملة، ورؤية واثقة، وأفكار ثاقبة، يشهد بها كلّ منصِف.
لقد نجحت الدّولة الأردنيّة في عهد الحسين، وأبي الحسين، بالنأي بالأردن عن الفوضى الإقليميّة، وإدارة الإمكانات المتاحة، وتحويل الصعاب إلى فرص، من خلال الحكمة والمرونة في تقييم الموقف، وترتيب الأولويات للوصول إلى قرارات حكيمة استجابت بكل اقتدار للتحديات التي واجهت المشروع النهضوي للدولة الأردنيّة وقيمها النابعة من الأهداف السامية للثورة العربية الكبرى.
واستطاعت الدولة الأردنيّة خلال عهدين بالحفاظ على المجتمع الأردني متماسكاً قويّاً، وكرّست حالة الأمن والاستقرار، وأضافت إليها المزيد من التطور والتقدّم، وتمكّنت من زرع قيم الدولة المدني التي كانت الوسيلة الناجحة لتنمية وتطوير الحياة بجميع جوانبها.
لقد كرّس الأردنّ في عهد الحسين وأبي الحسين الوجه العربي المشرق للدولة الأردنيّة، من حيث الثوابت والأسس والأهداف والملامح أيضاً، واستمرّ الجيش العربي المصطفوي بالحفاظ على عقيدته القوميّة العروبية، فأضحى الأردنّ مبادراً وفاعلاً ومخلصاً في الدفاع عن قضايا الأمتين العربيّة الإسلاميّة، وبناء مؤسسات العمل العربي المشترك.
لقد واصل الملك عبد الله الثاني ذات النهج الديمقراطي الحكيم، الذي أرسى دعائمه جلالة الملك الحسين رحمه الله، وتجلى ذلك بالحفاظ على بنية الدستور الصادر عام 1952م، وتطويره، وهو الذي يعبّر عن معاني الأصالة في كيان الدولة الأردنية، والفصل بين السلطات، وإقرار النظام البرلماني الديمقراطي، إضافة إلى استقلال السلطة القضائية، وتأكيد الحقوق والحريات العامة للمواطنين، وإرساء وتفعيل سيادة دولة القانون ودولة المؤسسات.
لقد تبنّى الأردنّ في عهد الحسين وأبي الحسين المبادئ التي قامت عليها الدولة الأردنيّة، وحقق خطوات واسعة للارتقاء ببُنى ومؤسسات الدولة الأردنية وفق الأسس العصرية، معتمداً على أهمية تطوير الإنسان الأردني كمصدر قوة ومقوّم اساسي للتنمية .
وبينما نجح الأردن في عهدهما بتعزيز بناء الجبهة الوطنية وتعميق أواصر وحدة الاردنيين، اتخذت القيادة الهاشمية نهجاً عقلانيّاً في مواجهة التحدّيات الداخليّة والخارجيّة، بالتزامن مع القضايا العادلة للأمتين العربيّة والإسلاميّة، وفي مقدّمتها القضيّة الفلسطينيّة.
خلاصة القول: عهد أبي الحسين هو امتداد لعهد الحسين، فكلاهما قادا الأردن بحكمة وحنكة، وكلاهما قدّما للوطن الكثير ممّا لا تتّسع لحمله السطور؛ فرحم الله الحسين، وأطال عمر أبي الحسين، وأمدّه بموفور الصحّة والعافية.
ربِّ اجعل هذا البلد آمناً..