أردني - رائد أبو عبيد - تمر بنا اليوم الذكرى الخامسة لارتقاء الشهيد معاذ الكساسبة، شهيد الاردن والامتين، معاذ ابن كل اردني، معاذ النسر الذي ما زال يحلق في سماء وطنه ليل نهار، الشهيد الذي ما زال اسمه يذكر حين تذكر الرجولة والشهامة والتضحية، ومهما تحدثنا عن قيمة الشهادة وعظمة الشهيد نبقى مقصرين فالشهادة وقفة عز وإباء، تنحني الهامات لذكراك يا معاذ إجلالاً وإكباراً، فأنت ورفاقك ممن سبقوك ولحقوك في ركب الشهادة ً(رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
انت يا معاذ قيمة القيم وذمة الذمم، عاهدت الوطن بالذود عن حياضه وقدمت روحك قرباناً لحماية كل ذرة من ترابه، وإن الشهيد في ممارسته لفن الشهادة أعظم فنان لأنه يبدع صور استشهاده في الشكل الفني الرائع متجاوزاً التسميات البديهية ليسمو فوق أبعاد الحروف ورموز الألوان وزوايا المساحات الضوئية فهو الذي يعتلي قبة السماء مقيماً فيها دائما وهذه القبة لا يصل إليها إلا النخبة المختارة من خلق الله.
إن صلة الوصل اليوم بينا نحن الأحياء وبين من سبقنا من الشهداء الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون هو أن نضحي من أجل سيادة واستقلال وحرية الوطن وأن نكون أوفياء لهم، وبالتالي هذا الوفاء يعبر عنه بالعمل وليس بالقول، وهو الدرس الذي تعلمناه منك يا معاذ ومن رفاقك الذين تبعوك صعودا لسماء الرحمن الرحيم.
شهادتك قبل خمس سنوات اضاءت لنا النور وحطمت وهم هذه العصابة الارهابية الملعونين صباح مساء، شهادتك رسمت لمن بعدك من النشامى الذين دكوا حصون قاتليك، وحطمت جبروتهم الكاذب وكشفت ضعفهم ووهنهم، فلتهنأ يا معاذ في عليائك، فقد اخذ زملائك بالثأر، واندثر اسم زعيمهم المجرم، وهو يبكي كطفل لم يبلغ من عمره اليوم الرابع، هلك وهو يتملكه الهول والويل، والصراخ والعويل، وانتهى كجيفة ملقاة على قارعة الطريق.
عندما ارتقيت يا شهيد زفوك ذويك وعشيرتك الاردنية في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد، واختلطت الدموع بالزغاريد، عندها لا يبقى لدينا شيئاً لنفعله أو نقوله، لأنه قد لخّص كل قصتنا بابتسامته ودمعته، ولخصت انت كل حياتك بهذه اللحظات الاخيرة من ارتقاء روحك الطاهرة في احياء ذكراك الخالدة أبداً.
يا معاذ بلغ رفاقك الراشد وسائد وابن الحويطات وكل رفاقكم الشهداء منا السلام واخبرهم بان ذكراهم باقية وتتمدد، وان المجرمين الارهابيين حياتهم زائلة وتتبدد.