أردني - رائد أبو عبيد - كعادتها تأبى السماء الا وان تنزل قطرها كدموع منهمرة في ذكرى رحيل الحسين الباني، هذا العظيم الراحل الذي سيظل حاضراً وبشكل يوحي للعالم اجمع كمية الحب الذي يسري في قلوب الاردنيين لذكراه، فقد كان الاب الحاني والاخ الشغوف والقائد الملهم والحاكم الحكيم ، كاريزميته وحضوره وطريقة حديثه كلها عوامل جعلت صوره ذائعة الانتشار على مستوى الأوطان شرقها وغربها.
كان ملكا ذو ذوق رفيع ،وذكاء وقّاد، وحس مرهف، ومقدرة عالية في التحليل، استطاع ان يصل بمملكته ومواطنيها إلى استقرار تحسد عليه، وموقع جيوسياسي له شأن كبير وكلمة مؤثرة وقاطعة.
قالها الحسين يوما (إنني أحب هذا الشعب حبّاً عظيماً فلولاه لما كنت شيئاً مذكوراً)، ونحن نقولها يا سيدي ونحن نحبك يوما سابقاً وحاضراً، ومستمراً، فأنت يا سيدي مصدر اعتزازنا وفخرنا، انت يا ابا الحسين باق فينا ولن ينتهي اسمك من الذكرى.
كان ملك صدق ذا تدبيـر، ذا إتقـان، صاحب شخصية عظيمة كسب من خلالها مكانة بين أكبر قيادات العالم، فقد كان الحسين رحمه الله دائما مبتسما يحرج من يلقاه ويخجله بكرمه وتواضعه وانسانيته التي غلبت كل صفات الملوك، نعم كان ملكا حكيماً و راقياً في كل شيئ مثقفاً ذو بصيرة حكيمة.
وببصيرته التي نفذت الى المستقبل اختار المغفور له باذن الله وليا للعهد ابنه البكر والمؤتمن على الاردن عبدالله الثاني، فكان خير خلف لخير سلف، واستلم الامانة وأداها، وحفظها، وها هو الاردن اليوم بالرغم من صغر حجمه وقلة موارده الا انه اصبح نداً لكبرى الدول، وهي هي كلمته تدوي عالياً على كل المنابر الدولية، فكان لمواقف المملكة بعهده الميمون دور بارز في العديد من القضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، كونه صاحب الولاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، وها هو اليوم جلالة الملك رأس الحربة في الدفاع عن فلسطين في وجه صفقة القرن التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، كما كلن لدعواته المتكررة للحوار والانفتاح ونبذ الخلافات والتكاتف لمحاربة الارهاب والافكار الظلامية صدى بارز ومحوري على المستوى العالمي.
اننا اليوم واذ نستذكر الحسين الباني ودوره الكبير في صياغة مصير المنطقة، فاننا كلنا ثقة بقيادة الملك المعزز عبدالله الثاني، فقد عرف جلالته بالحكمة في ادارة مختلف الملفات الداخلية، والتعامل بحنكة مع الاحداث والتطورات الخارجية، وهو ما يعزز دور الاردن المتعاظم، وحضورها القوي والفاعل في المشهد الاقليمي والدولي.
ففي ذكرى الوفاء والبيعة يكون الوفاء بصادق الولاء للقيادة والانتماء للوطن والايمان الراسخ بحنكة وحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني وقدرته على اعلاء راية الاردن لتحقيق الامل بغد افضل..
فرحم الله الملك الحسين في ذكرى وفاته التي تعتبر محطة للترحم والتأمل والتبصر، وحفظ الله الملك المعزز عبدالله الثاني وولي عهده الامين الامير الحسين...