أردني - رائد أبو عبيد - حين كنا نسمع عن فايروس كورونا او ان احد ما اصيب به كنا نصاب للحظة بالهلع والخوف الشديد وكأن هذا اللعين المسمى بكوفيد (19) القاتل الذي يضع السكين على الرقاب بات بعبعا في رأس كل انسان، كنت كغيري أسمع وأقرأ عن هذا الوباء وكيفية انتشاره بهذه السرعة ومدى انشغال العالم به، والآثار السلبية التي الحقها هذا الوباء بالمجال الاقتصادي والاجتماعي، ولم اتوقع في لحظات زهو نفسي ان اصاب به لشدة التزامي بالكمامة والتدابير الصحية الا ان المحظور وقع واصبت به يوما.
الوقاية خير من العلاج هكذا تقول الحكمة وكان هذا لسان حالي دوما كنت متزمتا كثير في لباس الكمامة متشددا بالتدابير الوقائية حرصا على حياتي وحياتي من احب من عائلتي واصدقائي وزملائي بالعمل، فكورونا فايروس لعين وخبيث، وفجأة نجد ان زائرا ثقيلا حلّ بمنزلنا خلال الأيام الأخيرة، انه الذي كنا نتحدّث عنه على أنّه وضع يدور حولنا ونتابع أخباره، فإذا بنا فجأة نصبح أحد مكوّنات العدد المعلن عن المصابين بتقرير وزارة الصحة اليومي، بعدما أعلمتنا نتائج المختبرات أنّ تحاليلنا حول كوفيد 19 جاءت إيجابية.
لا أنكر بأنني عانيت في ظل هذا الوباء وبدأ جسمي يضعف بداية لأفقد الشهية شيئاَ فشيئاً وبعدها فاجأتني الأوجاع لتتحول إلى لصيقة بجسمي لمدة تزيد عن 15 يوم في الوقت ذاته لأعبرها نحو الكحة والتهاب في القصبات ووجع العظام، وأدرك حينها أنني مصاب بهذا الوباء الذي يفجع كل يسمع به، وليس كابوسا عابرا سيذهب من يقظتي لاذهب لعملي الذي احب واتبادل مشاعري مع موقعي الاخباري (أردني) الذي انتمي له وادين له بكل ايات الولاء الفكري والعاطفي.
ان أوّل ما حضرني حين علمت بإصابتي بفيروس كورونا الأثر القائل (لا يُغني حذر من قدر) فقد كنت منذ مدة متحوّطا وملتزما بإجراءات السلامة بشيء من المبالغة أحيانا في علاقة بالأهل خاصة، الا ان المرعب هنا هو نوعية التفكير التي باتت لا تريني الا السواد من الخبر فبات خبر الوفاة المحتمة والاعراض القوية التي تسبق حضور ملك الموت هي المسيطرة على فكري وعقلي وخصوصا اول يوم بعد تاكد الاصابة، وبعد ان بدأ الوجع يتجمع ويتفرق على شكل نوبات كادت ان تكون قاتلة بوقتها وخاصة الصداع الذي كان يساوي بوجعه ضرب مطرقة كبيرة مقدمة رأسي تكاد تتساوى فيها فرص الحياة مع الموت، ومع كل الاوجاع التي كانت تأتي الا ان كانت هناك قوة خفية تأتي مع الوجع فتريح الروح والعقل للحظة تقوّي العزم وترفع من المعنويات والمناعة باننا سننتصر على هذا الفايروس الغريب الاطوار.
ومع تأكيد اصابة أفراد أسرتي كان لوقعها على كياني صدمة تصل لدرجة 9 على مقياس ريختر الا ان الله برحمته اسبغ علينا جميعا سكينة لم أتوقّعها فتعايشوا مع خبر الاصابة دون جزع، وكان لوقوف الاهل والاصدقاء والمحبين من كل صوب وحدب بعد نشرنا لخبر اننا مصابين، فكانت المكالمات الهاتفية تملأ أوقاتنا والرسائل ترفع معنوياتنا والأدعية بظهر الغيب تصلنا لطفا وشفاء من المولى، وأن قليلًا مما تزرعه من محبة لمن حولك سيعود عليك فيضانًا منهم وقت الشدة، فشكرا لكل امرء منكم وان تكونوا دوما بخير لهو امر عظيم.
ونحن واذ كنا نعي ان جميع الفيروسات تعرفها الأجسام البشرية، وتعرف أسلحتها والأدوات التي تحملها معها داخل الجسم البشري، بينما لهذا الفيروس تركيبة غريبة جداً جداً، ولم يسبق للعلم أنْ وجد شبيهاً له، لذا تصبح الوسائل الدفاعيّة في الجسم في حالة من الهيجان لأنّه جسم غريب لم يسبق لها أن رأته من قبل، وأعتقد جازماً بأن هذه الوسائل المناعية لا تعرف الأدوات المناسبة للقضاء عليه، فترتكس بشدة غير معهودة وغير مسبوقة.
ختاما: لا تخافوا هذا الوباء كون الشفاء منه أكيد ولكن هذا لا يعني ألا نتخذ التدابير اللازمة لدرء خطرها، خاصة ممن يعانون من الأمراض المزمنة وكبار السن، لأن هذا الفايروس يملك من الاسلحة الكثير ويفعل ما لا نتوقعه، فالتزموا بالكمامة والتباعد فهما الحل اليوم لعدم الاصابة، وكورونا ليست مميتة، ونحن اقوى.